لقد فضلنا الله على سائر المخلوقات بالكلام ، وجعل آلته اللسان ، وهي نعمة تستعمل في الخير او الشر ، فمن استعملها بخير بلغته السعادة بالدنيا ، والمنازل العلى في الجنة ، من استعملها بغير ذلك اوردته المهالك في الدنيا والآخرة ، وافضل ما يستغل به الوقت بعد قراءة القرآن ،هو ذكر الله ، وقد وردت احاديث كثيرة تحت ذلك ، ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ) وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ( انا عند ظن عبدي بي وانا معه اذا ذكرني فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وان ذكرني في ملا ذكرته في ملا خيرا منهم ، وان تقرب الي بشبرا تقربت اليه ذراعا ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( سبق المفردون ، قالوا وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم موصيا احد اصحابه ، لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ) وهناك اذكار مضاعفة في الاجر كقراءة القرآن مثلا والمضاعفة والتفاضل يكون بحسب ما في القلب من الايمان والاخلاص والمحبة وتوابعها ، وهذا العمل الكامل هو الذي يكفر السيئات تكفيرا كاملا ، ويعطي العامل اجره كاملا ، والناقص بحسبه ، وذكر الله من التجارة الرابحة
فوائد الذكر : الذكر يطرد الشيطان ويقعمه ويرضي الرحمن ، ويزيل الهم والغم عن القلب ، ويجلب للقلب الفرح والسرور ، ويقوي القلب والبدن ، وينور الوجه والقلب ، ويجلب الرزق ، ويكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة ، ويورث المحبة والمراقبة والانابة ، وهي الرجوع الى الله ، ويورثه القرب من الله والهيبة منه ،ويورث حياة القلب ، وهو قوة القلب والروح ، ويورث جلاء القلب ، والعبد اذا تعرف الى الله بذكره في الرخاء عرفه في الشدة وهو ينجي من عذاب الله ، وسبب تنزيل السكينة وغشيان الرحمة ، وبه يشتغل اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب وغيرها من المحرمات ، وهو ايسر العبادات ، ومن اجلها وافضلها ، وهو غراس الجنة ، والذكر نور للذاكر في الدنيا ، ونوره له في قبره ، ونوره له في معاده وفي القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء البتة الا ذكر الله ، وفي القلب قسوة لا يذيبها الا ذكر الله ، والذكر شفاء القلب ودواؤه ، والغفلة مرضه ، والذكر يوجب صلاة الله عز وجل وملائكته على الذاكر ، و الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته ، وافضل كل عمل اكثرهم فيه ذكرا لله عز وجل ، فافضل الصوام اكثرهم ذكرا لله عز وجل ، يسهل الصعب وييسر العسير ، ويخفف المشاق ، والملائكة تستغفر للذاكر ، وكثرة ذكر الله عز وجل امان من النفاق ، والذكر يكسو الوجه نضرة في الدنيا ونورا في الآخرة ، وله لذة لا يشبهها لذة ... وغيرها من الفوائد ، قال شيخ الاسلام ابن تيمية : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون حال السمك اذا فارق الماء ؟